ميثاق الله وعهده – خطبة الجمعة، 17 ربيع الآخر 1444هـ – الكويت


الملخص

تناول الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري في هذه الخطبة الميثاق الذي أخذ الله على عباده فقال إن مما ينبغي أن لا يغفل عنه العبد، ما بينه وبين خالقه، من عهد وميثاق، وهو أوثق المواثيق وألزمها، فهو عهد قديم، منذ الأزل، له خلقنا، وعليه سنحاسب، يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.

    وأضاف الدكتور: “هذا العهد القديم الذي أخذه الله تعالى على بني آدم، هو صلب العلاقة بين الخالق والمخلوق، ولب الرابطة بين الرب سبحانه وتعالى، وعباده، فالله عز وجل هو الخالق المالك المدبر، يفعل في ملكه ما يشاء، ويتحكم في عباده، وفي أحوالهم، لا يسأل عما يفعل، ولا معقب لحكمه، وهذا ما دل عليه قوله تعالى في الآية: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}،فالرب مالك ومتصرف سبحانه وتعالى، والعبد مستسلم لربه، مسلم له بالطاعة والمحبة، مقر له بالربوبية والألوهية، وهذا ما دل عليه قوله تعالى في الآية: {قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}”.

      وقد حذر الدكتور الأنصاري، من خطورة نسيان عهد الله عز وجل، لما يورد إليه ذلك من مهالك، يقول الدكتور: إن نسيان هذا العهد أو تناسيه، أو البحث عن الأعذار للتحلل منه، المرة تلو المرة، دون تراجع أو توبة، لهو تورط في المهالك، وإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وهو علامة على النفاق، وربما ساق الإنسان إلى الفسوق، والخروج عن منهج الله {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، ولذلك حذرنا الله سبحانه وتعالى من أن نكون مثلهم قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)}

      كما نبه الدكتور إلى أن نسيان هذا العهد لا يقتصر خطره على الفرد، بل يتعداه إلى الجماعات: “وكما أن نسيان هذا الميثاق والعهد خطر على الفرد، فهو أيضا خطر على المجتمعات، فهلاك المجتمعات والطبع على قلوب أهلها، نتيجة حتمية لعدم الالتزام بهذا العهد مع الله، وتناسيه، ففي سورة الأعراف، بعد أن ذكر الله عز وجل مصائر الأمم السابقة، قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، ومدين، عقب بخاتمة يحذر فيها الناس،  ويدعوهم لأخذ العبرة، من هؤلاء السابقين، يقول تعالى: {أَوَلَمْ يُهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوَ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}”.

وقد ختم الدكتور ببيان ما يقصد بالالتزام بهذا العهد، فقال إن المقصود بهذا العهد والقيام به، ليس الثبات الدائم على فعل الطاعات، وترك المحرمات، فإن هذا لا يستطيعه بشر، بل المقصود بهذا العهد، والالتزام به، الاعتراف بالربوبية والألوهية لله، “أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ”، والإنسان بفعل الطاعة، والتمسك بها، معترف بربوبية مولاه، وألوهيته، وهو كذلك بالندم، والتوبة كلما عصى أو قصر، معترف بربوبية مولاه، وألوهيته، والمهم أن لا يسوقه التقصير، إلى التبرير لنفسه، والتحلل من عهده، بل تسوقه الطاعة، إلى مزيد الخضوع، و يسوقه التقصير، إلى سرعة الرجوع، وبذلك يكون عبدا موفيا لله عز وجل.

الميثاق الذي أخذ الله على عباده

التحذير من نسيان العهد مع الله عز وجل

كيف يكون العبد ملتزما بعهد الله عز وجل