الزاد الحقيقي – خطبة الجمعة ٢٧ رجب ١٤٣٩هـ 


الملخص

تحدث الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري في هذه الخطبة عن الزاد الحقيقي  في هذه الدنيا فبدأ بالتحذير من خدع النفس، فقال: “إن من خدع النفس للإنسان، أن تزين له أعمالا لا تنفعه في دينه ولا في آخرته، فيتسابق ويتهافت على اكتساب هذه الأعمال، ويبذل جهده ووقته وماله فيها، وربما كان في هذا ضرر عليه في آخرته، ثم ذكر من خدعها أيضا، أنها تزهد صاحبها في الأعمال الصالحة النافعة له في أخراه، فلا يلقي لها بالا ولا يهتم بها، وإذا عملها لا يتقنها ولا يحسنها، ويساعد في خداع الإنسان بهذه الخدعة ما يحيط بأعمال الدنيا من زخرف وأبهة، ومن جذب لأنظار الناس واشتهار بينهم”.

      وقد تعرضالدكتور لحقيقة الدنيا، فضرب مثلا، وحكى قصة، لحال الناس مع الأعمال، ومع هذه الدنيا وزينتها، فقال: إن مثل من ينشغل بحطام الدنيا، كمثل قوم قيل لهم استعدوا لسفر طويل أمامكم، تقطعون فيه صحراء شاسعة مهلكة، تصلون بعدها إلى مدينة السلام الكبرى، فأخذ القوم يستعدون لهذه الرحلة، وانشغل قوم بشراء الذهب والجواهر، يمنون النفس بالآمال والأرباح، حتى اشتهرت أسماؤهم في السوق، وتهافت الناس على عرض البضاعة عليهم، كانوا يستعدون بما يظنون أنه رابح في تجارتهم، إلا أن شخصا منهم لم يشتغل بما عملوا عليه، كان شغله التفكير بالنجاة من هذه الصحراء المهلكة، فأنفق وقته وماله في اكتساب الزاد الذي ينقذه، فكان يشتري البضاعة بأبخس الأثمان، و لم يشتهر اسمه في هذا السوق،

و لم يأبه له أحد، ثم بدأت الرحلة وبدأ السير في الصحراء، واستمر أياما، واستهلك الناس ما معهم من طعام، وبدأوا يشعرون بالجوع والتعب، وظنوا أنهم أشرفوا على الهلاك، وأخذوا يبحثون عن الطعام ويعرضون في سبيله الأثمان الباهظة، ولم يكن الطعام موجودا إلا عند هذا الشخص فأخذوا يشعرون بقيمة ما عنده، فأخذوا يعرضون ثرواتهم وذهبهم ليعطيهم شيئا من الطعام ففعل، ووصلوا إلى وجهتهم، فكان الذي وصل وهو يملك الدر والجواهر والذهب هو هذا الشخص الذي اشتغل على ما ينجيه في الرحلة، ثم وصلوا إلى وجهتهم لا يملكون شيئا مما جمعوه من حطام الدنيا.

   ثم أوضح الدكتور العبرة من هذه القصة، وأبان ما فيها من دروس، فقال: إن السوق الذي كانوا فيه هو الدنيا، والدرر والذهب والجوهر هو وزخرفها، يغالي الناس في أثمانها لكنه لا ينفعهم ولا يسد جوعهم، وكان الطعام هو عمل الآخرة الذي ينفع عند الله عز وجل.

أما مدينة السلام التي ينشدونها فهي الآخرة، وبالنسبة للرحلة والصحراء، فهي طريق الإنسان إلى آخرته، والبيع الذي حصل بينهم هو انكشاف حقيقة الأعمال، وأثمانها أمام الأعين في الآخرة، إذ يبدو لكل إنسان قيمة ما عمل في هذه الدنيا من أعمال.

  ثم ختم الدكتور بتلخيص هذا المعنى في قوله: هذه هي حقيقة الدنيا، فمن انشغل بجمعها يصل إلى وجهته صفر اليدين، ومن جعل من وقته جزءا يكتسب فيه الأعمال الصالحة، التي يغفل عنها الناس، لا يبحث عن شهرة ولا سمعة هو الذي يصل، ويحوز الدر الحقيقي الذي هو العمل الصالح.

التحذير من خدع النفس والشيطان

حقيقة الدنيا