حقيقة المال – خطبة الجمعة ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٠ هـ


الملخص

تحدث الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري، في هذه الخطبة عن حقيقة المال، فقال إن المال هو عصب الحياة وقوامها، جعله الله عز وجل لتيسير أمور الناس ومعاملاتهم، فسماه في القرآن قياما، يقول تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}
وأضاف: “ومن حكمته سبحانه وتعالى أن قذف محبة هذا المال في نفوس البشر؛ لكي تكون هذه المحبة وهذا الحرص على جمع المال، وقودا ومحركا لإعمار الأرض، ومع هذه المحبة التي قذفها الله في النفوس، أنزل سبحانه وتعالى شرائع وأحكام، حتى لا يطغى الإنسان وينحرف عن الصراط المستقيم”.

   وقد تعرض الدكتور، لجانب من حقيقة هذا المال، من خلال الكتاب والسنة، سمى الحقيقة الأولى: المال مال الله عز وجل، فقال: المال مال الله عز وجل لا يملكه ملكا حقيقيا إلا عز وجل، يقول تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} فسماه مال الله والبشر إنما هم مستخلفون عن الله عز وجل: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} ومعنى الاستخلاف في المال، أن الله عز وجل حينما يرزقك لمال فإنه لم يتركك هملا.

ويقول في الحقيقة الثانية: ” الحقيقة الثانية: أن الإنسان بطبيعته ينسى ويطغى.
وينحرف عن منهج الله عز وجل، يطغى في طريقته في جمع المال، ويطغى في إنفاقه؛ لذلك حذره النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطغيان، موضحا أنه سيسأل يوم القيامة عن كل درهم ودينار، روى الترمذي وابن حبان عن أبي بردة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعَةٍ» منها: «ومَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ».

أما الحقيقة الأخيرة فقد بينها في قوله: “أنك يا إنسان إنما تعد مالكا للمال الذي في يديك إذا أنفقته، لأن هذا المال بالتأكيد ستتركه في يوم ما وترحل عنه، فلا تشغل نفسك بتخزينه وكنزه، يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.

  ويؤكد الدكتور هذا المعنى فيقول: “المال الذي تملكه هو المال الذي تنفقه، مال استخلفت فيه،  أنفقته وفق منهج الله هذا هو مالك، أما مال كنزته ثم رحلت عنه فليس بمال لك، روى مسلم عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] وَهُوَ يَقُولُ: ” يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ”.

وقد أوضح الدكتور، في خطبته الثانية المنهج المتوازن في التعامل مع المال، فقال: “ليس المقصود تزهيد الناس في المال، أو في الدنيا، فإن هذا على عكس مراد الله عز وجل، الله عز وجل لم يزهد الخلق في المال، ولا في اكتسابه، إنما المقصود أمران: الأول: إقامة منهج الله عز وجل، سواء في جمع المال أو في إنفاقه وتحقيق أحكام الله عز وجل وحكمته في عمارة هذه الأرض الثاني: المقصود أن تكون الدنيا في أيدينا، وليست في قلوبنا، أن نتحكم نحن في المال، ولا يتحكم المال بنا، وننفقه فيما يرضي الله عز وجل.

المال عصب الحياة، وبه تكون عمارة الأرض

المال مال الله

التحذير من الطغيان والانحراف في جمع المال

الإنسان مستخلف في هذا المال، وسيحاسب عليه

المنهج السديد في التعامل مع المال