العادات والتقاليد في الدين – برنامج إسلامنا وسلومنا – 23-07-2013


الملخص

قال الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري، إن علاقة الدين بالعادات علاقة وثيقة جدا، ذلك لأن الدين الإسلامي الحنيف، جاء لكي يفصل حاجات الناس في ثلاث دوائر رئيسية، الدائرة الأولى: دائرة العقيدة، وهي التي تصحح تصور الإنسان عن الكون وعن الإله، الذي يجب أن يعبده سبحانه وتعالى، وعن المصير الذي سينتهي به حال الإنسان، والجزاء الذي يستحقه.

 الدائرة الثانية: دائرة الشريعة، وهي الأحكام التي تنظم علاقة الإنسان بربه، وبمن حوله من الناس، وهذه الدائرة تشمل أحكاما متنوعة كالعبادات، الصلاة والزكاة والصوم والحج والبيع وأحكام الأسرة والميراث، وغير ذلك من الأحكام.

 أما الدائرة الثالثة، فهي دائرة الأخلاق، التي تحكم علاقات الناس بعضهم ببعض، كالصدق والوفاء والرحمة والعدل، وهذه الأخلاق هي التي تكون العادات والتقاليد، التي نتعامل بها مع بعضنا البعض.

وأضاف في حديثه، من خلال برنامج إسلامنا وسلومنا، الذي تقدمه قناة الريان: “العلاقة وثيقة جدا بين الدين والعادات، بل إن الحبيب المصطفى _ صلوات ربي وسلامه عليه_ جعل مهمته الأساسية هي الأخلاق، فقال صلى الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

وقد نبه الدكتور في هذا السياق على ملاحظتين، تختصان بتغير العادات، ومدى توافقها مع الدين، الملاحظة الأولى: أن العادات تتغير من جيل الى جيل، وتتأثر بانفتاح المجتمع على الثقافات الأخرى، فهي إذن عادات متحركة متغيرة وليست ثابتة، فما كان عيبا في جيل من الأجيال، قد يصبح معتادا ومقبولا في الأجيال اللاحقة، وبغض النظر عن كون هذا التصرف صحيحا أو خاطئا، نجد على سبيل المثال سلوكا كالسير في الشارع مكشوف الرأس، أو الأكل في الطرقات، هذا الأمر كان منتقدا جدا في السابق، وكان يعد عيبا، أما الآن فقد أصبح شيئا عاديا لا يستنكره أحد.

 الملاحظة الثانية: العادات والتقاليد منها ما يتفق مع الدين، اتفاقا تاما، ومنها ما يختلف نوعا ما معه، على سبيل المثال

من العادات التي تتفق مع الدين، الحرص على حضور الأبناء للمجالس، وتعليمهم عوائد الرجال، وتعليمهم احترام الكبير، وتوقير ذي الشيبة، وتعويد الفتاة على الستر والحجاب، هذه العوائد كلها عادات متفقة مع تعاليم الإسلام الحنيف، الذي يحث على تعليم الأبناء ويحث على احترام العادات.

 أما العادات التي تختلف مع الدين، كعادة الإسراف، التي طرأت علينا في الطعام والشراب والولائم، والاهتمام المبالغ فيه بهذه المظاهر، هذه الأمور كلها موجودة في المجتمع، ويجب أن نعترف بذلك، وقد أصبحت جزءا ثابتا من حياتنا اليومية.

   تعرض الدكتور كذلك لمثال تغير العادات الحسنة، إلى عادات سيئة، التي أشار إلى أنها ممارسة تنشأ بفعل شخص أو أشخاص قليلين، تدفعهم لذلك حاجة من الحاجات، ثم ذكر مثالها فقال إن الرجل العربي والخليجي على وجه الخصوص، إذا أراد أن يعبر عن إكرامه لضيفه، فإنه يذبح له خروفا أو خروفين أو أكثر، وإذا كان الرجل من أصحاب الإبل، على سبيل المثال، فإنه يذبح من هذه الإبل لإكرام ضيفه، والأصل في هذه العاد، أن الرجل العربي يريد أن يعبر عن إكرامه للضيف، بتقديم جزء من ماله، الذي يعتز به لهذا الضيف، وفي القديم كانت هذه الأشياء هي أفضل أنواع المال، ولم يكن العربي يفرط فيها، بل كان يدافع عنها، ويحارب من أجلها،  فتقديمها للضيف يعطي معنى عميقا للكرم، وهناك أيضا معنى آخر، قد يكون أنسب لأهل المدن والقرى، وهو أنهم في القديم لم يكن متاحا لهم أكل اللحم في كل حال، بل إنه بسبب عدم وجود التكنولوجيا والكهرباء، لم يكن باستطاعتهم حفظ اللحوم، فإذا جاء الضيف كانت هذه فرصة؛ لكي يشترك الجميع في أكل اللحم، وتصبح زيارته لها معنى التكريم، وحلول البركة، والكرامة لجميع أهل الحي.

ويضيف الدكتور مشيرا إلى حصول التغير في هذه العادة: “هذا هو أصل عادة الذبح؛ لإكرام الضيف، ثم بدأت تتزحزح هذه العادة قليلا، مع ازدياد غنى الناس، وتوفر الأموال بأيديهم، ومع انشغال الناس وتباعدهم، أصبح لا يدعى إلى هذه الوجبة إلا عدد قليل من المعارف، ثم إنه لا يتصرف في الطعام الذي أعد، فلا يوزع، بل يرمى في القمامة، فأصبحت النتيجة؛ أننا بالغنا في التعبير عن الكرم بدون معنى ومبرر؛ لأننا مع الغنى والوفرة، لم يعد تقديم الضأن والإبل يعبر عن الكرم، بالمعنى الحقيقي، إنما أصبح تعبيرا رمزيا عن الكرم، الذي توارثناه، فلم تعد المبالغة تعني إلا الفخر والرياء، وبمبالغتنا في الذبح والطعام، خرجنا من نطاق الكرم والجود المحمودين، ودخلنا في نطاق الإسراف والتبذير، اللَّذَيْنِ ذمهما الله عز وجل، قال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينَ}”.

علاقة الدين بالعادات

تغير العادات، وما يتفق منها مع الدين، وما يختلف

مثال تغير العادة الحسنة إلى عادة سيئة

إحياء سنن مهجورة