موازين مقلوبة – خطبة الجمعة ١٤جمادى الآخرة ١٤٣٩هـ


الملخص

تحدث الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري في هذه الخطبة، عن انقلاب الموازين، فقال إن من مخاطر الابتعاد عن منهج الله عز وجل، واتباع خطوات الشيطان، ما يحدث في نفس الإنسان من انقلاب في المفاهيم، فيصبح المعروف منكرا، والمنكر معروفا، وهو خطر يهدد الأفراد والمجتمعات، فيصبح المنكر شائعا، والمعروف قليلا منبوذا.

 ونبه الدكتور إلى أن القرآن الكريم قص أمثلة لانقلاب الموازين، يقول الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)}

يقول الدكتور، معلقا على الآيات: “انظروا التهمة، هم أناس يتطهرون، أصبح التطهر في هذا المجتمع تهمة وسبة وعيب، يعاب به لوط، ومن هو على منهجه،_ عليه الصلاة والسلام _ هكذا تنقلب الموازين، فتصبح المزايا عيوبا، وتصبح الصفات الحميدة ذنوبا، هكذا إذا انقلبت الموازين.

تحدث الدكتور كذلك عن مثال آخر، لانقلاب المفاهيم، وهو ما وقع من الكفار، من استغراب الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، كما في قوله تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)}

يقول الدكتور الأنصاري: “انقلبت المفاهيم حتى أصبح الشرك وعبادة الأصنام، أمرا يستحق التضحية والصبر في نظر هؤلاء المنكرين، هكذا ترتكس الفطر، وتنتكس، لقد أصبح الباطل في نظرهم شيئا من رموز البطولة والمجد، يستحق أن يضحي الإنسان في سبيله”

ثم أردف هذا بالقول، أن هذا هو معنى الحديث الشريف، الذي رواه مسلم، عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَىُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا ».

وأكد على هذا المعنى، فقال إن القلب إذا تشرب البعد عن الله، وتعود المعاصي والفتن، فإن الموازين تقلب عنده، فلا ينكر منكرا، ولا يعرف معروفا، منبها إلى أن هذا يحصل في كل مجتمع، وفي كل عصر، تنتشر بعض المخالفات فيألفها الناس، ثم تنقلب موازينهم فتراهم ينكرون على المصلح، وعلى كل من يدعو إلى الفضيلة.

وقال أيضا في نفس السياق: “. ينتشر التسيب في العمل، والإهمال في الواجبات، والتأخر عن أوقات الدوام والهروب من العمل، تنتشر كل هذه الأمور، ويقلد الناس بعضهم بعضا، فإذا جاء مسؤول يريد أن يضبط الأمر، ويقيم العدل نظر إليه الناس باستنكار واستغراب، وسارعوا إلى الوشاية به، وما ذنبه إلا أنه أمر بالمعروف”.

مخاطر الابتعاد عن منهج الله عز وجل

محاربة المصلحين هلاك للمجتمعات

كيف السبيل إلى النجاة؟