الإعراض عن الجاهلين – خطبة الجمعة ٢٨ صفر ١٤٣٩هـ


الملخص

تحدث الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري في هذه الخطبة عن “الإعراض عن الجاهلين”، فقال: إن الإعراض عن الجاهلين خصلة من خصال الخير شرعها الإسلام، ودعا إليها القرآن، قال الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا، وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}، منبها إلى أن الانشغال بطروحات الجاهلين وسفاهاتهم مضيع للوقت، معطل عن الإنجاز، في حين أن الإعراض عنهم يورث سلامة القلب، وهدوء النفس، وصحة التفكير.

   وأضاف الدكتور موضحا معنى قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}، فقال: إنهم لا يقابلون جهل الجاهلين بجهل مثله، بل يقولون قولا سديدا، يعبر عنهم، وعن أخلاقهم، ودينهم، وسمو تفكيرهم، هذا القول السديد، هو الذي يقابل به المؤمن قول الجاهلين، وقد امتدح القرآن الكريم هذه الخصلة، فقال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}.

   ويذكر الدكتور في هذا السياق الآيات التي تحث على هذه الخصلة، مثل قوله تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}، وقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، ثم يؤكد على ما أشار إليه في شأن هذه الخصلة، فيقول: لن تستطيع أن تأخذ العفو، وتأمر بالعرف، وأنت مشغول بالجاهلين، مشغول بالرد على افتراءاتهم.

   وقد أشار الدكتور في هذا المقام لما اتصف به النبي صلى الله عليه وسلم من حلم، وعفو، فقد كان يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، وذكر ما رواه الطبراني عن زيد بن سعنة أنه كان له دين إلى أجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاث جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونظر إليه بوجه غليظ، فقال: ألا تقضيني يا محمد حقي، فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل، فغضب عمر رضي الله عنه وأراد أن يهم به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ” أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا، تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة”، ثم إنه أمر عمر أن يقضيه حقه ويزيده فيه، فلما قضاه حقه وزاده فيه قال له لم زدتني؟ فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما روعتك، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة قال: الحبر؟  قلت: الحبر، قال: فما حملك على ما صنعت؟ قلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين: يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، وقد أسلم رضي الله عنه واستشهد بعد ذلك.

فضيلة الإعراض عن الجاهلين

الأمر بالإعراض عن الجاهلين

من حلم النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه